ما هي ظاهرة الاحتراق النفسي الوظيفي التي يتوجب عليك الحذر منها؟
” الإنسان طاقة ” عبارة تحمل في طيّاتها جوهر الحكمة الأساسية التي خلق من أجلها الإنسان في هذا الكون. ضع بحسبانك أنّ طاقتك محدودة ولكي تحصّن نفسك من الوصول إلى حالة الاحتراق النفسي عليك أن تقول “لا” في كثيرٍ من الأحيان،
فالآخرون لا يعرفون حدودك، لأنّك المسؤول الأوّل والأخير عن ترسيم هذه الحدود، وبيدك التصريح بما تقبله وما لا تقبله، وما تستطيع فعله وما لا تقدر عليه.
ما هي متلازمة الاحتراق النفسي؟
مصطلح “الإرهاق” هو مفهوم جديد نسبيّاً، صاغه Herbert Freudenberger لأوّل مرّة في عام 1974 في كتابه الاحتراق: هو التكلفة العالية للإنجاز العالي، حيث عرّف الاحتراق في الأصل على أنّه ” غياب الدافع أو الحافز، خاصّةً عندما يفشل تفاني المرء في قضية أو علاقة في تحقيق النتائج المرجوة”.
من ناحيةٍ أخرى، يمكن تعريفه على أنّه ردة فعل الشخص على ضغوط العمل الطويلة والمستمرة، المتزامنة مع ثلاثة أبعاد رئيسيّة كالإرهاق والتشاؤم والشعور بالعجز وضعف القدرة المهنية1
أعراض وعلامات متلازمة الاحتراق النفسي
- اضطرابات النوم
- الإنهاك ونقص الطاقة
- التعب المستمر
- التراجع والانخفاض الملحوظ في الأداء
- صعوبة في التركيز ومشاكل في الذاكرة
- عدم القدرة على اتخاذ القرارات
- غياب روح المبادرة
- الميل للحزن والبكاء
- فقدان التعاطف
- الصداع المستمر وطنين الأذن
- الشعور بالدوخة والإغماء
- مشاكل أسرية
- اليأس والقنوط والميل للأفكار الانتحاريّة
المراحل الخمسة التي توصلك تدريجيّاً للاحتراق النفسي
تبيّن من خلال الدراسات والأبحاث النفسيّة احتماليّة أن يتعرّض الشخص في أيّ فترة من حياته للاحتراق النفسي، ومع ذلك فقد أظهرت دراسة حديثة العهد أنّ متوّسط
وكما هو الحال في أيّ مرضٍ تتباين أعراض الإرهاق والاحتراق النفسي من شخصٍ لآخر، لكنّ الثابت الوحيد هو وقوع الشخص المصاب في أحد المراحل الخمسة التالية2.
1. مرحلة شهر العسل
عندما تبدأ بمهمة جديدة، غالباً ما يشعلك الحماس والشغف والطاقة العاليّة لتصل إلى أعلى درجات الرضا الوظيفي، ملتزماً بتفعيل كل طاقة الإبداع الموجودة داخلك، وهذا ما نراه ينطبق بشكلٍ خاصّ عند بداية عملٍ جديد، أو دخول مشروعٍ تجاري حديث العهد، في هذه المرحلة الأولى من الإرهاق، قد تبدأ في تجربة الضغوط المتوقّعة للمبادرة التي تقوم بها، لذلك من المهم البدء في تنفيذ استراتيجيات المواجهة الإيجابية ،مثل اتخاذ خطواتٍ عمليّة لدعم رفاهيتك جنباً إلى جنب مع مشاريعك المهنية، ممّا يضمن لك الاستمرار في مرحلة شهر العسل إلى أجلٍ غير مسمّىً.
الأعراض الشائعة خلالها
- قبول أي مسؤولياتٍ جديدة بسهولة.
- تفعيل جميع مستويات الطاقة المستدامة.
- الالتزام التام بالوظيفة التي في متناول اليد دوناً عن أي شيءٍ آخر.
- شعور الإكراه والإجبار على إثبات الذات.
- العمل بمستويات إنتاجية عالية.
2. بداية التوتر
تبدأ المرحلة الثانية من الاحتراق بإدراك أنّ بعض الأيام ستكون أكثر صعوبةٍ من غيرها، فقد تجد تفاؤلك يتضاءل رويداً رويداً، حتى تظهر عليك أعراض التوتر الشائعة التي ستؤثّر عليك جسدياً وعقلياً وعاطفياً.
الأعراض الشائعة خلالها:
- ارتفاع ضغط الدم.
- عدم القدرة على التركيز.
- التهيّج والصداع وخفقان القلب.
- انخفاض جودة النوم.
- عدم التفاعل الاجتماعي.
- انخفاض الإنتاجية.
- اضطراب الشهية أو النظام الغذائي.
- الإهمال العام للاحتياجات الشخصية.
3. القلق المزمن
يشكّل القلق المزمن المرحلة الثالثة من الاحتراق النفسي، حيث ستشعر بتغييرٍ ملحوظ في مستويات التّوتر لديك، لتنتقل من التحفيز إلى التّعرض المتكرر للضغط بشكلٍ لا يصدّق، وستواجه أعراضاً أكثر حدةً من أعراض المرحلة الثانية.
الأعراض الشائعة:
- انعدام الهوايات والأنشطة.
- نسيان مواعيد العمل والتخلّف عن الأهداف.
- التعب المستمر في الصباح.
- التسويف في العمل والواجبات المنزليّة.
- الانسحاب الاجتماعي.
- الغضب والس��وك العدواني.
- الشعور بالذعر والتهديد.
- زيادة استهلاك الكافيئين.
- تعاطي المخدرات والكحول.
4. الاحتراق
دخول المرحلة الرابعة يعني الوصول إلى الاحتراق النفسي نفسه، حيث تصبح الأعراض حرجةً وغالباً ما يكون الاستمرار بالأنشطة اليوميّة كالمعتاد غير ممكنٍ، ما يخلق أزمةً في التأقلم والتكيّف مع الوضع الحالي.
جميعنا يمتلك حدّاً معيناً من الصبر والقدرة على التحمّل، لذلك المفتاح الأنسب لتخطّي هذه المرحلة هو التّدخل الاستشاري سواءً أكان نفسياً أو دوائيّاً.
الأعراض الشائعة:
- الشعور القاتل بالفراغ.
- العزلة الاجتماعية.
- الشك بالذات وتخوينها.
- الهوس بتضخيم المشاكل في البيت والعمل.
- النظرة التشاؤمية للحياة.
- آلام مزمنة في المعدة أو الأمعاء.
5. اعتياد الاحتراق وثباته
المرحلة الأخيرة من الاحتراق هي اعتياده والتسليم له، هذا يعني أن أعراض الإرهاق متأصلّةٌ في حياتك لدرجة أنّك من المحتمل أن تواجه مشكلةً عقليةً أو جسدية أو عاطفية كبيرةً ومستمرّةً لفترة طويلة.
الأعراض الشائعة:
- الحزن المزمن.
- الاكتئاب.
- التعب الذهني المزمن.
- التعب الجسدي المزمن
أسباب الاحتراق:
- ضغط الوقت غير العقلاني.
- غياب التواصل والدعم من قبل مدير العمل.
- عدم وضوح الدور الذي يقوم به.
- عدم القدرة على السيطرة على عبء العمل.
- سوء المعاملة والإحساس بالظلم وعدم التقدير.
الأشخاص المعرضون لخطورة الاحتراق النفسي
إلى جانب الاحتراق الناجم عن العمل، يمكن أن يعاني الأشخاص الذين يعتنون بالأطفال أيضاً من متلازمة الاحتراق، وجدت دراسة حديثة أنّه يمكن للآباء والأمهات أن يتعرّضوا لنفس درجة الاحتراق التي تصيب الموظفين والمدراء.
كما يمكن لخصائص الشخصية المتمثلّة بالرغبة القوية بالتحكّم والسعي إلى الكمال أن تكون من أخطر العوامل المؤدية إلى الوصول للاحتراق.
كيفية تجنّب الوصول إلى الاحتراق النفسي
بينما يمكن أن يتسبّب الاحتراق في حدوث مشكلات في العمل والمنزل والحياة بشكلٍ عام، فمن الممكن دائماً اتّخاذ إجراءات والتحرّك بدءاً من المرحلة الأولى، وحتى لو لم تكن تعاني من الإجهاد أو الإرهاق الآن، خد احتياطاتك بشكل استباقي ومارس نشاطات الرعاية الذاتية وقم ببناء مرونتك العقلية، فسواءً تعرّفت على علامات التحذير أو تجاوزت بالفعل نقطة الانهيار، حان الوقت الآن للتوقف وتغيير الاتجاه من خلال تعلم كيف يمكنك مساعدة نفسك في التغلب على الإرهاق والشعور بالصحة والإيجابية مرةً أخرى من خلال ما يلي:
احجز لنفسك لقضاء إجازةٍ قصيرة كل ثلاثة أشهر
السفر هو أحد أفضل الطرق لإعادة ربطك بسحر الحياة وفتح عينيك على رؤية أوسع للعالم، فتجربةُ أماكن جديدة، وتحدّي نفسك لفعل أشياء خارجة عن المألوف، ستكون بمثابة علاجٍ روحي حقيقي، وبالطبع أنت تستحقّه.
التأمّل
إنّ الممارسة اليوميّة للتأمّل ستكون طريقةً رائعة لتجنّب الإرهاق، حيث سيساعدك على اكتساب منظورٍ جديدٍ للمواقف العصيبة، ورفع مستوى الوعي الذاتي، والتركيز على الحاضر وتقليل المشاعر السلبية ما يكسبك زيادةً في مستوى الخيال والإبداع.
فلتبدأ بممارسة التأمّل مرّةً واحدة في الصباح ومرةً أخرى قبل النوم، ستشعر بالتحول والتجدّد في طاقتك وكيانك.
قم بأيّ شكلٍ من أشكال الحركة كلّ يوم
اليوغا والرقص والمشي والسباحة وغيرها الكثير من الأنشطة التي ستكون مفيدةً للغاية لعقلك وجسدك وروحك، لأنّها ستعزّز جميع أنواع التغييرات والتفاعلات في دماغك من إطلاق الأندروفين والدوبامين والسيرتونين، لتصل بك إلى الشعور بالهدوء والرفاهية. كما يمكن أن تساعدك الرياضة أيضاً على الخروج من دائرة الأفكار السلبية التي تغذي الاكتئاب.
اقضِ وقتاً في الطبيعة كلّ يوم
يمكن أن يساعدك قضاء الوقت في الطبيعة في تخفيف التوتر والقلق وتحسين حالتك المزاجية، وتعزيز مشاعر السعادة والرفاهية لديك، فالاستجمام في الغابات بين الشجر الأخضر في الهواء الطلق سينعش دماغك ويهديك تغذيةً إضافية لتمتصّ أكبر قدرٍ ممكنٍ من تلك الأيونات السالبة.
الذهاب إلى السرير والحصول على 8 ساعات من النّوم العميق
هناك العديد من الفوائد للحصول على نومٍ جيد، بما في ذلك تحسين المزاج وتجنّب الإرهاق المزمن، وزيادة التركيز وتقوية نظام المناعة، لذلك احرص على الخلود الباكر إلى الفراش في الساعة 8 أو 9 مساءً، ولا تتوانَ عن جعل النوم في هرم أولوياتك3
إذا تُرك الاحتراق النفسي دون رادعٍ، فقد يتسبّب في إحداث فوضى عارمة في صحّتك وسعادتك وعلاقاتك وأدائك الوظيفي، لكن من خلال فهم أسباب الإرهاق وكيف يتجلّى في حياتنا اليومية سيمكّنك من التصدي له والتعافي منه والمضي بحياةٍ أكثر سعادة وصحة في العمل والمنزل.
فضلا لا أمرا إدعمنا بمتابعة
https://t.me/eduschool40