دراسة الطب الشرعي: كل ما تريد معرفته عن التخصص الذي يكشف المجهول ومجالات عمله
بين المتعة والغموض، والتعمّق والغوص في عظمة الطب وفروعه، لا بدّ من التطرّق لتخصّص الطب الشرعي بما فيه من سحر الاستنتاج وشغف اكتشاف المجهول،
ورغبة في إظهار خفايا الجرائم ومعالمها ضمن إطار إظهار الحقيقة التامّة.
ما هو تخصص الطب الشرعي
فرع من فروع الطب الذي يتعامل مع تطبيق المعرفة الطبية لإثبات الحقائق في القضايا القانونية المدنية أو الجنائية، مثل التحقيق في سبب وزمن الوفاة المشبوهة، كما يُعرّف أيضاً باسم علم الأمراض الشرعي.
في العديد من البلدان، يمثّل الطب الشرعي تخصّصاً طبياً ضمن النظام القانوني، وليس ضمن نظام الرعاية الصحية.
تاريخ تخصص الطب الشرعي
سبق استخدام الشهادات الطبيّة في القضايا القانونية بأكثر من 1000 عام، حيث تم أوّل عرض منهجي للموضوع من قبل الإيطالي Fortunatus Fidelis في عام 1598، ومن ثمّ تم الاعتراف بالطب الشرعي باعتباره تخصّصاً متفرداً في أوائل القرن التاسع عشر.
كان ومازال تشريح الجثة هو الأداة الأساسية للطب الشرعي، ففي كثيرٍ من الأحيان يستخدم لتحديد هوية الموتى، كما يمكنه تحديد سبب الوفاة، كما في حالات الوفاة الناجمة عن السلاح على سبيل المثال، يمكن أن يقدم علم الأمراض بالتعاون مع الطب الشرعي – من خلال دراسة الجرح – معلومات مفصّلة عن نوع السلاح المستخدم وكذلك معلومات سياقية مهمة، ففي الوفاة الناتجة عن طلق ناري يمكنه تحديد دقّة معقولة حول نطاق وزاوية إطلاق النار.
كما أنّ الطب الشرعي هو عامل رئيسي في تحديد هويّة ضحايا الكوارث، مثل تحطم السفن الأرضية أو الطائرات، كما يمكن أن يؤثر بشكل كبير على نتائج المحاكمات التي تتناول مواضيع التأمين والميراث1
المواضيع التي يتعامل معها الطب الشرعي
- تحديد هوية المتوفّى
- السبب الطبي للوفاة
- تفسير وتوضيح الأذيّات
- طريقة الوفاة؛ أي حادث أو انتحار أو قتل أو غرق أو خنق … إلخ
مزايا دراسة هذا التخصّص
إنّ دراسة الطب الشرعي ستكون رحلةً مثيرةً ودينا��يكية، فدخولك في هذا الاختصاص سيجعلك جزءاً محورياً من عملية التحقيق وتطبيق مسار العدالة بالإضافة إلى حماية المصلحة العامّة.
ستتعلّم أشياء جديدة كل يوم باستمرار، ستكون المنقذ والداعم الأكبر لتقديم المعلومات والحقائق بكلّ شفافيةٍ ووضوح، كما يمكن للطّب الشّرعي أن يقدّم لك فرص عملٍ لا مثيل لها
تداخل الطّب الشرعي مع باقي الاختصاصات الطبيّة
التحقيق الجنائي في الوفاة هو مهمّة متعدّدة التخصّصات، يتضمن التعاون والتنسيق بين علماء التشريح المرضي، ومحققي مسرح الجريمة (CSIs)، وعلماء الطب الشرعي، وغيرهم من المتخصّصين، مثل علماء الأنثروبولوجيا (علم الإنسان) وعلماء الحشرات وعلماء الأسنان (أطباء الأسنان) والعديد من الخبراء الآخرين.
يتمّ الجمع بين نتائج تشريح الجثة ونتائج التحقيقات الأخرى، بما في ذلك الفحص المجهري للأعضاء والأنسجة، التي تم إزالتها عند تشريح الجثة، والتحليلات السُّمية (للدم والبول، على سبيل المثال) وربطها مع التاريخ الطبي أو السريري للمتوفى، بالإضافة إلى ظروف الوفاة، من أجل الإجابة على الأسئلة المتعلّقة بموته
مهام الطبيب الشرعي
معظم عمل الطبيب الشرعي قائمٌ على المختبر؛ من خلال فحص آثار المواد مثل الدّم والشعر وألياف النسيج والطّلاء والزجاج والمتفجرّات والمخدّرات في محاولة لربط المشتبه بهم أو فصلهم عن الضحايا أو مسرح الجريمة، يمكن أن تشمل المسؤوليات ومجالات الطب الشرعي الأخرى ما يلي:
- البحث عن الأدلة وجمعها في مسرح الجريمة
- تجميع التقارير المكتوبة
- جمع الأدلة
- التحقق من صحة المستندات
- فحص عينات السوائل والأنسجة في حال استخدام الأدوية أو السموم
- تقديم الأدلة والدفاع عنها في المحكمة
- استخدام التقنيات التحليلية المناسبة مثل الكروماتوغرافيا والمجهر الإلكتروني وتنميط الحمض النووي.
من الممكن أن يتطلّب العمل حضور مشاهد الجريمة المزعجة في جميع الظروف الجويّة.
تحديد زمن الوفاة
من المواضيع الشائقة والتي تشكّل الجوهر الأساسي الذي يقوم عليه الطّب الشرعي والتي لا بدّ من التطرّق إليها هو تحديد وقت الوفاة أو الفترة الفاصلة بين زمن الوف��ة ووقت العثور على الجثة (أي الفترة التالية للموت)، والتي غالباً ما تمثّل أصعب وأدق مرحلة يقوم بها الطبيب الشرعي.
طالما لا يوجد شاهدٌ على الوفاة، أو تعدّى الزمن على حصول الحادث الرضّي، لا يمكن تحديد الزمن الدقيق للوفاة. كلّما طال الوقت منذ حدوث الموت، زادت فرصة الوقوع في خطأ تحديد الفاصل الزمني بعد الوفاة.
هناك العديد من الملاحظات الفردية التي من الممكن استخدامها معاً لتقدّم أفضل تقدير لوقت الوفاة. وتشمل:
- معدّل الهبوط الحراري: تنقص الحرارة درجة واحدة كل ساعة خلال 8 ساعات الأولى بعد الوفاة، ثمّ درجة كل ساعة ونصف إلى ساعتين خلال ال 16 ساعة التالية ل 8 ساعات الأولى (8_24 ساعة)، لتصبح درجة حرارة الجثة معادلة لدرجة حرارة الوسط المحيط بعد 24 ساعة.
- الزرقة الرمية: التي تمر بثلاث مراحل وهي الركودة، النفوذ، التشرّب ونستخدم لذلك جهازاً خاصّاً ذو وزن (2 كغ/سم2) يطبّق ضغطاً على الجثة ثمّ نرفعه لنراقب الزمن اللازم لعو��ة اللون.
- الصمل الرّمي (الصلابة العضليّة): ظاهرة تصيب كل عضلات الجثة وتتميّز بانقباضها وقساوتها وثباتها بوضعية واحدة، بعد الموت مباشرةً يحدث ارتخاء للعضلات لكن بعد ساعتين تقريبا يبدأ الصمل من الأعلى باتجاه الأسفل، حيث أنّ أوّل عضلات تصاب بالصمل هي عضلات الوجه ثم العنق ثم الجذع ثم الطرفين العلويين ثم السفليين. يستغرق ذلك 12 ساعة ليشمل كامل الجسم.
- التفسخ (التعفّن):هو ظاهرة يحدث فيها تحلّل الأعضاء والأنسجة بفعل الجراثيم الهوائية واللاهوائية. وتبدأ هذه العملية بعد الموت مباشرة، ولكن مظاهرها تستغرق عدة ساعات، حيث تظهر بقعة خضراء على البطن بنهاية الـ 24 ساعة الأولى لتكون أوّل علامة على انطلاق عمليّة التفّسخ.
- إفراغ المعدة والجهاز الهضمي: إنّ المعدة تفرغ محتواها خلال (3_6) ساعات بعد آخر وجبة، ومن الممكن أن يحتوي على مواد سامة أو كحولية هي المسؤولة عن حدوث الوفاة بعد تناول الطعام، لذلك من المهم فتح المعدة لمراقبة الطعام والكشف عنه، وفي حال وجوده فهو دليلٌ مهم على أنّ الوفاة حدثت قبل 6 ساعات.
- التغيرات الكيميائية لسوائل الجسم و معالم مسرح الوفاة أيضاً من العوامل المهمّة والأساسية لتخمين زمن الوفاة.
مجالات العمل في الطب الشرعي
هناك حاجة لخبراء الطب الشرعي في القطاعات الحكومية والمنظمات الخاصة ومراكز البحوث. فيما يلي بعض القطاعات التي يمكن للطبيب الشرعي العثور على عمل فيها:
- مختبرات الطب الشرعي
- فروع الجرائم
- قسم المخدرات
- المستشفيات
- قسم الشرطة
- وكالات خدمات الأمن